الرئيسيةتحليلات

إيران تهدد بإغلاق مضيق هرمز: تصعيد استراتيجي أم ورقة ضغط في مواجهة التصعيد الأميركي؟

في خضم التصعيد المتسارع بين إيران والولايات المتحدة، أطلّ التوتر من جديد على واحد من أكثر الممرات البحرية حساسية في العالم: مضيق هرمز. فقد أفاد التلفزيون الإيراني الرسمي، الأحد، بأن البرلمان الإيراني وافق مبدئياً على قرار إغلاق المضيق، في خطوة وُصفت بأنها تصعيدية ومثيرة للقلق، لكنها لا تزال بحاجة إلى مصادقة المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني حتى تدخل حيز التنفيذ.

وتأتي هذه التحركات في أعقاب الضربة الأميركية التي استهدفت منشآت نووية إيرانية مؤخراً، ما أعاد للأذهان سيناريوهات سابقة هددت فيها طهران بقطع شريان الطاقة العالمي. فقد أشارت قناة “برس تي في” الإيرانية إلى أن قرار الإغلاق ليس نهائياً بعد، لكنه قيد الدراسة الجدية على أعلى المستويات، مما يعكس حجم التوترات الاستراتيجية التي تخيم على المنطقة.

وفي تأكيد على أن الخيار لا يزال مطروحاً، قال النائب والقيادي في الحرس الثوري، إسماعيل كوثري، إن “مسألة إغلاق مضيق هرمز لا تزال على الطاولة”، مشيراً إلى أن كل الخيارات مفتوحة في حال استمرار ما وصفه بالعدوان الأميركي.

مضيق هرمز: البعد الجيوسياسي والاقتصادي

يُعد مضيق هرمز أحد أهم الممرات المائية الحيوية على مستوى العالم، حيث تمر عبره حوالي 20٪ من صادرات النفط والغاز العالمية. وتستخدمه دول الخليج، على رأسها السعودية والإمارات وقطر والكويت، لتصدير معظم إنتاجها من الطاقة. وبالنظر إلى ضيق المضيق (بعرض لا يتجاوز 39 كيلومتراً في أضيق نقطة)، فإن أي إغلاق أو اضطراب في الملاحة عبره من شأنه أن يتسبب في ارتفاع حاد بأسعار الطاقة عالمياً، ويؤدي إلى اضطرابات اقتصادية في الأسواق الكبرى.

وقد شهد المضيق عبر العقود توترات عديدة، كان أبرزها خلال الحرب الإيرانية – العراقية، وأثناء الأزمات النووية المتكررة بين إيران والغرب، مما جعله ورقة ضغط استراتيجية دائمة في يد طهران.

بين التصعيد والردع: ما المتوقع؟

قرار البرلمان الإيراني – حتى وإن لم يُفعّل بعد – يحمل أبعاداً رمزية واستراتيجية. فهو رسالة ردع موجهة للولايات المتحدة وحلفائها الإقليميين، مفادها أن استهداف العمق الاستراتيجي الإيراني، وخصوصاً منشآته النووية، قد يقابله رد يفوق التوقعات ويطال الأمن الطاقي العالمي.

ومع أن إيران تدرك أن الإغلاق الكامل للمضيق قد يؤدي إلى رد عسكري مباشر من الولايات المتحدة أو تحالف دولي، إلا أنها تسعى على الأرجح إلى التلويح بهذا الخيار كورقة مساومة سياسية، وليس كإجراء فوري.

السيناريوهات المحتملة:

  1. المصادقة والتنفيذ الجزئي: قد يصادق المجلس الأعلى للأمن القومي على القرار، لكن تطبّق طهران شكلاً جزئياً من الإغلاق أو التشويش، مثل مضايقة السفن أو إجراء مناورات بحرية مكثفة.
  2. التراجع التكتيكي: في حال ورود إشارات تهدئة من واشنطن أو وساطات إقليمية، قد تختار طهران تعليق القرار مؤقتاً مع الاحتفاظ به كورقة ضغط.
  3. الانفجار الإقليمي: في حال استمرار الضربات أو تصعيد العمليات العسكرية، قد لا يبقى الإغلاق مجرد خيار، بل يتحوّل إلى نقطة اشتعال كبرى تهدد أمن الملاحة والطاقة في العالم بأسره.

في ضوء هذه التطورات، يبدو أن ملف مضيق هرمز لن يظل بعيداً عن قلب الأزمة الإقليمية والدولية. فبينما تستخدم إيران هذا الشريان الاستراتيجي كأداة تفاوض وردع، يظل خطر التصعيد العسكري قائماً، مما يحتم على القوى الكبرى التحرك بذكاء لتفادي انفجار غير محسوب العواقب في واحدة من أكثر مناطق العالم حساسية.

فهل يكون مضيق هرمز ساحة للردع السياسي، أم شرارة لحرب مفتوحة؟ الأيام القادمة ستكشف المسار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى