
مع حلول فصل الصيف، يترقّب التونسيون بفارغ الصبر انطلاق المهرجانات والحفلات الفنية التي تمثّل المتنفّس الرئيسي لعائلات من الطبقة المتوسطة، بحثًا عن لحظات ترفيه نادرة وسط أعباء الحياة. غير أن هذا الحلم الصيفي بات يتلاشى عامًا بعد عام، بفعل تفاقم ظاهرة السوق السوداء لتذاكر العروض، والتي تحوّلت إلى تجارة موازية علنية تغزو مواقع التواصل الاجتماعي بلا رقيب.

أسعار خيالية وتلاعب ممنهج
لم تعد التذاكر تُباع ضمن الأطر القانونية، بل تُعرض بأسعار تفوق ضعف قيمتها الأصلية، في مشهد يفضح وجود شبكات منظمة تدير هذه السوق غير الشرعية. في مهرجان قرطاج الدولي مثلًا، قفز سعر تذكرة عرض الفنان آدم من 70 إلى 150 دينارًا، فيما بيعت تذاكر حفلة نانسي عجرم بـ300 دينار من فئة الكراسي، رغم أن سعرها الرسمي لا يتجاوز 150 دينارًا.

النتيجة: آلاف من الجماهير حُرموا من حضور حفلات فنّانيهم المفضّلين تحت ذريعة “نفاد التذاكر”، بينما الحقيقة الصادمة تكشف أن التجار الإلكترونيين استولوا على الحصص الأولى منها، بل وُجهت اتهامات ضمنية بالتواطؤ إلى بعض المتدخلين في المشهد الثقافي، خصوصًا بعد رصد انطلاق عملية بيع تذاكر الدورة 59 من مهرجان قرطاج على موقع “تسكرتي” قبل الإعلان الرسمي عن نقاط البيع، بل حتى قبل نهاية الندوة الصحفية الترويجية.
أسئلة بلا إجابات
تتزايد التساؤلات: لماذا تُصرّ المهرجانات الكبرى على اعتماد نظام البيع الإلكتروني الذي يُقصي فئات واسعة من المواطنين غير القادرين على الدفع الرقمي؟ من يتحمل مسؤولية تفشّي هذه السوق الموازية؟ ولماذا يغيب التتبع القضائي عن المتلاعبين والوسطاء؟ وهل سيتم يومًا محاسبة مافيا التذاكر ومَن يتستر عليها؟

موقف استثنائي من مهرجان الحمامات
في خضم هذا المشهد القاتم، برزت إدارة مهرجان الحمامات بموقف لافت، إذ أصدرت بلاغًا أكدت فيه إمكانية التثبّت من صحة البطاقات البنكية والبريدية المستعملة في عمليات الشراء، تطبيقًا لشروط البيع المعتمدة، ما يعكس محاولة للحدّ من التلاعب، رغم محدودية تأثيرها على السوق ككل.
أميرة الشارني