الرئيسيةتحليلات

سعيّد يقرأ من أرشيف 1978: رسائل ساخنة إلى الاتحاد.. والشعب فاق

في لقاء لم يخلُ من الرمزية والتلميح السياسي، استقبل رئيس الجمهورية قيس سعيّد مساء الجمعة 8 أوت 2025، رئيسة الحكومة سارة الزعفراني الزنزري، متحدثاً عن المحاسبة وفتح الملفات، ومستدعياً أسماء ورموزاً من تاريخ الحركة النقابية لتوجيه رسائل مباشرة إلى الحاضر.

سعيّد افتتح حديثه باستشهاد بمقال الصحفي محمد قلبي المنشور في جريدة “الشعب” بتاريخ 13 جانفي 1978 بعنوان “الكرنفال”، والذي كلف صاحبه الاعتقال بعد أقل من أسبوعين. المقال آنذاك كان نقداً لاذعاً لما اعتبره قلبي “نفاقاً” داخل المشهد السياسي والنقابي، وهو ما دفع سعيّد للتعليق قائلاً: “بقاياه اليوم وأذرعه مازالت موجودة تحت مسميات أخرى، ولو أنه مازال على قيد الحياة لكتب هذا المقال في الاتجاه المعاكس”.

لم يتوقف الرئيس عند قلبي، بل انتقل إلى الزعيم النقابي الطاهر الحداد، مبرزاً تمييزه بين “الشرعية الكاذبة” و”المشروعية” التي تعبّر عن إرادة الأغلبية. واستشهد بعبارة شهيرة للحداد: “سنستمر في هذا النضال بكل عزم وإرادة ثابتة، فليكذب الكاذبون، فإننا نمر مرور الكرام ساخرين من غوغائهم الفارغة حتى ينجلي صبح اليقين…”.

هذه الإشارات التاريخية لم تكن مجرد ذكريات، بل جاءت في سياق توتر متصاعد بين السلطة والاتحاد العام التونسي للشغل، خاصة بعد الاحتجاجات الأخيرة أمام مقره، والتي اعتبرها سعيّد جزءاً من محاولات “جرّ البلاد نحو التوتر وإعادة سيناريوهات الفوضى”.

في خطابه، أعاد الرئيس التأكيد على أنّ الشعب يطالب بـ”المحاسبة العادلة” واسترجاع الأموال المنهوبة، وأنه يعمل على “حل وطني لكل القطاعات” ضمن مشروع “بناء جديد” لا يمكن أن يهدمه الفاسدون.

خطاب سعيّد هذه المرة كان رسالة سياسية مركبة: تهيئة الرأي العام لمرحلة مواجهة أكثر حدة مع الاتحاد وخصومه، وربط الصراع الحالي بجذوره التاريخية، مع محاولة وضع نفسه في موقع حامي “النقاء النقابي” أمام ما يعتبره انحرافاً عن دوره الأصلي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى