
لم يعد ما يشهده قطاع النقل مجرّد سلسلة من الإضرابات المتكررة، بل أصبح عنوانًا لأزمة بنيوية تتطلب مراجعة شاملة وجذرية. فالشلل المتواصل في هذا المرفق الحيوي يعكس فشلًا صارخًا في إدارة المرافق العمومية، ويُحمّل تبعاته للمواطن الذي يدفع الثمن وحده، بين تقصير الدولة من جهة، وتعنت بعض الهياكل المهنية من جهة أخرى.
المواطن أول الضحايا
المعضلة اليوم تتجاوز توقّف الحافلات والقطارات، لتطال كرامة المواطن الذي يضطر إلى مغادرة منزله في ساعات الفجر الأولى للوصول إلى عمله، والذي يجد نفسه أمام خيارين: إما الاكتظاظ والإهانة، أو الاعتماد على سيارات الأجرة بأسعار باهظة في ظل فوضى التطبيقات وغياب الرقابة.
حلول ترقيعية بلا جدوى
إضراب النقل اليوم، كما الأمس، لن يكون الأخير. ورغم تعامل الدولة معه كأنه أزمة عابرة، فإن الحقيقة الصادمة هي أن الحلول الترقيعية لم تعد مجدية. ما نحتاجه هو إصلاح شامل للقطاع، إصلاح يعيد الاعتبار لهذا المرفق العمومي ويفرض المساءلة والمحاسبة، ويضمن كرامة المواطن بوصفه الطرف الأضعف في معادلة مختلّة.
منظومة عاجزة عن الابتكار
غياب البدائل، العجز عن تنظيم التطبيقات الرقمية، وغياب خطة طوارئ في كل إضراب، كلها مؤشرات على منظومة عاجزة عن التحديث والفعل، تكتفي بردود أفعال متأخرة دون رؤية واضحة أو إرادة سياسية حقيقية للإصلاح.
إصلاح جذري لا يحتمل التأجيل
آن الأوان للخروج من منطق التسكين، والمرور إلى مسار إصلاحي حقيقي، يضع مصلحة المواطن في صلب الأولويات، ويعيد الثقة في المرافق العمومية التي باتت عبئًا بدل أن تكون رافعة للحياة اليومية.
أميرة الشارني