الرئيسيةثقافة

من نانجينغ إلى العالم: لماذا أثار فيلم “الموت من أجل الحقوق” كل هذا الصدى العالمي؟

131d4e6358e4880b2e2ace666d804726-730x1024 من نانجينغ إلى العالم: لماذا أثار فيلم "الموت من أجل الحقوق" كل هذا الصدى العالمي؟

بقلم: لجينة وانغ لي جيه، كاتبة صحفية صينية


تصدر “الموت من أجل الحقوق” ،وهو فيلم عن مذبحة نانجينغ التاريخية، شباك التذاكر العالمي في صيف 2025، بفضل سمعته الطيبة وجودته الفنية العالية. وحتى يوم 6 أغسطس، وبعد 13 يومًا من عرضه، تجاوزت إيراداته الإجمالية 1.8 مليار يوان (حوالي 250 مليون دولار أمريكي)، ليصبح بذلك ظاهرة سينمائية جديدة بعد فيلم ” نه تشا 2″ الذي عرض في عطلة رأس السنة الصينية.


يستند الفيلم إلى أحداث حقيقية وقعت خلال مذبحة نانجينغ، حيث يروي قصة مجموعة من المدنيين الصينيين لجأوا إلى “استوديو جيشيانغ للتصوير” للاحتماء، واضطروا للعمل تحت تهديد السلاح مع مصور ياباني تابع للجيش الياباني ، في تحميض الصور الفوتوغرافية. وخلال تلك العملية، اكتشفوا صورا توثق الجرائم الوحشية بحق المدنيين. ورغم الخطر المحدق، قرروا تهريب الصور سرًا خارج نانجينغ لتصبح دليلا دامغا على جرائم الحرب. يُظهر الفيلم كيف يمكن للناس العاديين، في مواجهة ظروف غير إنسانية، أن يتحلوا بالضمير والشجاعة.

0a3994e8155a567a781266bc17b44438 من نانجينغ إلى العالم: لماذا أثار فيلم "الموت من أجل الحقوق" كل هذا الصدى العالمي؟

في 7 أغسطس، بدأ عرض الفيلم في دور السينما في أستراليا ونيوزيلندا والولايات المتحدة وكندا وماليزيا وسنغافورة. كما تُجرى الاستعدادات لعرضه في روسيا وكوريا الجنوبية والمملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا، وأيضا يجري التخطيط لإطلاقه على منصات البث الرقمية، كل ذلك يشير إلى اتساع نطاق تأثير الفيلم عالميا، وانتشاره في المزيد من الدول والمناطق.

لكن الحقيقة التاريخية التي يتناولها الفيلم أكثر إيلاما من أي عمل فني، ففي عام 1937، وبعد احتلال القوات اليابانية لمدينة نانجينغ، قام شابان وطنيان، لوو جين و وو شيوان، بحماية ألبوم صور ملطخ بالدماء، وهي صور التقطت بعدسات جنود يابانيين، توثق جرائمهم. وفي عام 1946، تم تقديم هذا الألبوم كدليل رئيسي أمام المحكمة العسكرية لمحاكمة مجرمي الحرب في نانجينغ، وأسهم في إدانة القائد العسكري الياباني هيساو تاني، المسؤول عن المذبحة.

62105b8295c54a0b11018bb4884b2c1a من نانجينغ إلى العالم: لماذا أثار فيلم "الموت من أجل الحقوق" كل هذا الصدى العالمي؟

يتزامن عرض الفيلم مع الذكرى الثمانين لانتصار حرب المقاومة الشعبية الصينية ضد العدوان الياباني وانتصار الحرب العالمية ضد الفاشية، خلال الحرب العالمية الثانية. ويعكس نجاح الفيلم اهتمام الجماهير الصينية المعاصرة بالحقائق التاريخية، كما يبرز التطور الذي حققته السينما الصينية في دمج الرسالة الوطنية بأساليب السرد السينمائي الحديثة. فقد استخدم الفيلم عدسة الكاميرا كأداة لاسترجاع الذاكرة وتوثيق الحقيقة، ليصبح حدثًا ثقافيًا يروج لقيم السلام، ويؤكد على سرد تاريخي مسؤول ودقيق للحرب العالمية الثانية.

“الموت من أجل الحقوق” ليس مجرد عمل فني يجسد التاريخ، بل هو أيضا محاولة جادة للتواصل الثقافي العابر للحدود. فنجاحه يكشف عن صعود السرد الصيني والرؤية الصينية في المشهد الثقافي العالمي.

ومن اللافت أن الفيلم حظي بتفاعل كبير بين الشباب الصيني، حيث عبّر العديد من المشاهدين عن تأثرهم قائلين: “حقيقي لدرجة أنه أبكاني”، و”جعلني مشدودا طوال الوقت. كنت أتنفس بصعوبة”.

لقد فتح الفيلم بمؤثراته البصرية وسرده المعبر آفاقا جديدة أمام السينما الصينية ذات الطابع التاريخي للوصول إلى جمهور دولي، كما رفع من مستوى تقبل الرأي العام العالمي للرؤية السينمائية الصينية.
في النهاية، إن التمسك بالحقيقة التاريخية، ورفض جرائم الحرب، هو موقف أخلاقي مشترك للبشرية جمعاء.
ويأتي فيلم” الموت من أجل الحقوق” ليذكر العالم بلغة رصينة ومؤثرة : “تذكر التاريخ ليس من أجل الكراهية، بل من أجل تحقيق السلام”.

* جميع الملصقات الواردة في النص من الفيلم نفسه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى