
سلمت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، الأسرى الإسرائيليين وهم يرتدون البيجاما المصرية الشهيرة “الكاستور”، في مشهد رمزي استعاد واحدة من أكثر اللحظات غرابة في التاريخ العسكري العربي الحديث.
رمزية “البيجاما الكاستور”
تُعد هذه البيجاما — بخطوطها المقلمة وقماشها الرقيق — جزءًا من الذاكرة الشعبية المصرية، إذ ارتبطت منذ عقود بالريف المصري وبالطفولة، وبمناسبات الختان التي كان يجريها “حلاق الصحة” للأطفال في القرى.وكان ارتداء الطفل لهذه البيجاما بعد العملية يُعتبر دلالة على الفخر والاحتفال، إذ كانت تُعدّ من أفخر ما يمكن أن يلبسه الفلاح المصري، لما توفره من نعومة وراحة على الجلد.
وفي تلك المناسبة، كانت الأمهات يرددن الأغنية الشعبية المعروفة: “يا أم المتطاهر، رشي الملح سبع مرات”، اتقاءً للحسد واحتفاءً بسلامة الابن.

من الزي الشعبي إلى السلاح النفسي
دخلت “البيجاما الكاستور” التاريخ حين أمر الرئيس الراحل أنور السادات بأن يرتديها الأسرى الإسرائيليون أثناء عملية تبادل الأسرى عقب حرب أكتوبر 1973.لم يكن ذلك قرارًا عشوائيًا، بل كان رسالة رمزية عميقة أراد بها السادات أن يُذل العدو نفسيًا، ويُشعر جنوده بالهوان أمام العالم، تمامًا كما أراد أن يُظهر للعالم أن من يُهزم أمام الجيش المصري لا يعود كما كان.
فقد أراد السادات أن يروي هؤلاء الجنود بعد عودتهم إلى بلادهم قصة تقول ببساطة: “لقد جعلونا نرتدي ملابس الفلاحين الذين انتصروا علينا.”
عودة الرمزية بعد نصف قرن
اليوم، وبعد أكثر من خمسين عامًا، تكرّر كتائب القسام المشهد نفسه وهي تسلّم الأسرى الإسرائيليين مرتدين “الكاستور”، في خطوة يمكن قراءتها كامتداد رمزي لتاريخ طويل من الحرب النفسية العربية ضد الاحتلال، ورسالة تذكير بأن الهزيمة لا تكون فقط في ساحة المعركة، بل أيضًا في الذاكرة والرمز والكرامة.



